وكان والله من خيرنا يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمثال هذه الأقاويل. وهذا الاختلال لا يتهم عمر به إلا مخلط جاهل.
فإن قالوا فما معنى الخبر قيل لهم إن عمر كان يعتقد أن أبا بكر كان أفضل الأمة ومبرزا فيهم بالفضل وغير مشتكل الأمر وأنه كان يستحق أخذها بالمناظرة عليها وأن من بعدها متقاربون في الرتبة والفضل لا يستحقونها على ذلك الوجه ولذلك جعلها شورى في ستة. وقوله كانت فلته أي تمت على غير إعمال فكر ولا روية بل استوثقت فجاءة وقوله وقى الله شرها يعني شر الخلاف عليها وشق العصا عند تمامها فإنه بعيد عنده أن يتم ذلك مع ما رأى من تواثب الأنصار عليها واطلاع الفتنة رأسها وقوله فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه إنما أراد إلى مثل قول الأنصار وما حكي عن الأنصار من إرادتهم نصب إمامين في وقت واحد بقولهم منا أمير ومنكم أمير ولإخراجهم الأمر من قريش إلى غيرهم وهذان الأمران حرام فعلهما في الدين وجالبان الفتنة وإنما عظم غلط الأنصار فيهما فقال لأهل الشورى وغيرهم لما عهد إليهم فيها إن من عاد إلى مثل قول الأنصار فاقتلوه ويمكن أن يكون أراد من حاول أخذها بالمناظرة عليها وإظهار التقدم والتبريز بالفضل على وجه ما فعله أبو بكر وعرف ذلك من أمره فاقتلوه لأنه لم يبق في هذه الأمة من هذه منزلته.
وإذا كان كذلك سقط ما تعلقوا به وصح بهذه الجملة إمامة أبي بكر رضي الله عنه ونضر وجهه.
باب الكلام في أمامة عمر رضي الله عنه إن قال قائل: ما الدليل على إثبات إمامة عمر قيل له: الدليل على ذلك أن أبا بكر عهد إليه بمحضر من جلة الصحابة بعد تقدمه إليهم وأمره بالنظر في أمورهم والتشاور في إمامتهم وردهم الأمر إلى نظره ورأيه فقال سأخبركم باختياري وخرج معصوبا رأسه فخطب خطبته المشهورة فوصف فيها عمر بصفاته ونعته بأخلاقه وذكر شدته في غير عنف ولينه من غير ضعف