بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين. فلو كانت هدايته لهم هي الحكم والتسمية لكانوا قد منوا على أنفسهم بهذه المنة ولكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد من بها عليهم كمن الله إذ قد سماهم بذلك وحكم لهم به وهذا خلاف الإجماع.
وكذلك لو كانت هدايته لهم التي من بها عليهم هي دعوته إياهم وبيانه لهم لكان بعضهم قد من على بعض بهذه المنة. لأنه قد يدعو بعضهم بعضا ويبين بعضهم لبعض كما يدعو الله وهذا أيضا خلاف الاتفاق. وعلى أنه لو كانت الهداية والإضلال من الله تعالى بمعنى ما وصفتم لكان إبليس قد أضل الأنبياء وسائر المؤمنين إذ كان قد دعاهم إلى الضلال وسماهم ضالين وحكم لهم بذلك ولكان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون قد أضلوا الكافرين أجمعين إذ كانوا قد سموهم كافرين وحكموا لهم بحكم الضالين. وفي إجماع الأمة على خلاف هذا دليل على سقوط ما قلتم باب القوم في اللطف فإن قال قائل فهل تقولون إن في قدرة الله تعالى لطفا لو لطف به لسائر من يعلم أنه يموت كافرا لآمن