ويحتمل أيضا أن يكون وجه التمدح في قوله «لا تدركه الأبصار» أنها لا تدركه جسما مصورا متحيزا ولا حالا في شيء على ما يقوله النصارى ولا مشبها لشيء على ما يقوله أهل التشبيه ولا تدركه والدا ولا مولودا على صفة من يلد أو يولد تعالى عن ذلك ويكون القصد بذلك الرد على من وصفه بهذه الصفات. وليس لأحد من المعتزلة التعلق بهذه الآية لأن الله تعالى إنما نفي عندهم من إدراك الأبصار ما أثبته لنفسه في قوله «وهو يدرك الأبصار». ولم يعن بذلك عند البصريين أنه يرى الأبصار وهو تعالى عندهم لا يدرك الأبصار لأنها مما لا يصح أن يدرك ولا يرى أيضا شيئا بتة عند البغداديين. وإنما عني عندهم أنه يعلم الأبصار فيجب عليهم أن يكون إنما نفى بقوله «لا تدركه الأبصار» علمنا به تعالى.
مسألة فإن قالوا فما معنى قوله عز وجل «لن تراني»؟.
قيل لهم: أراد في الدنيا لأنه إنما سأل ربه أن يريه نفسه في