جميع الأشكال المتضادة وفي فساد ذلك دليل على بطلان هذا القول ووجوب العلم بأن كل ذي شكل منها إنما حصل كذلك بمؤلف ألفه وقاصد قصد كونه كذلك.
باب في أن المحدث ليس فاعلا لنفسه والدليل على أنه ليس بفاعل لنفسه أن منه الموات والأعراض التي لا يصح أن تحيا والفاعل لا يكون إلا حيا قادرا ولأن الحي منه كان مواتا في بدء أمره وجاهلا بنفسه وكيفية تركيبه ولن يجوز أن يصنع المحكمات إلا حي عالم قادر وليس يجوز أن يكون كل شيء منه فعل غيره لأن المخلوق لا يفعل في غيره شيئا وسنبين ذلك فيما بعد إن شاء الله وأيضا فإنه لو صح أن يفعل المحدث غيره وما هو مثل له لصح أن يفعل نفسه إذ كانت بمعنى ما هو فعل له ومن جنسه ولما استحال ذلك بما قدمنا أولا صح أن لجميع العالم خالقا غيره ليس منه.
باب في أنه لا يجوز أن يكون صانع المحدثات مشبها لها ولا يجوز أن يكون صانع المحدثات مشبها لها لأنه لو أشبهها لكان لا يخلو أن يشبهها في الجنس أو في الصورة ولو أشبهها في الجنس لكان محدثا كهي ولكانت قديمة كما أنه قديم لأن المشتبهين هما ما سد أحدهما مسد صاحبه وناب منابه ودليل ذلك أن السوادين المشتبهين يسدان في المنظر مسدا واحدا وكذلك البياضان والتأليفان ولو أشبهها في الصورة والتأليف لم يكن شيئا واحد ولوجب أن يكون له مصور جامع لأن الصورة لا تقع إلا من مصور لما قدمناه من قبل ولوجب أن يكون من جنس الجواهر المتماسة وأن يكون محدثا كهي وذلك محال.