المرئيات وتجلى لي الأمر إذا زالت عوارض الشبه منه. وأما الحجاب فقد يكون بمعنى الساتر المانع وقد يكون آفة موضوعة في البصر تمنع من إدراك المرئيات. وأصل الحجب المنع. ومنه سمي حاجب الأمير حاجبا لمنعه منه ودفعه عن الوصول إليه. ومنه قوله تعالى «كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون» يعني الكفار أي إنهم ممنوعون بالآفات الموضوعة في أبصارهم من رؤيته تعالى إهانة لهم وتفريقا بينهم وبين المؤمنين مسألة فإن قالوا: ما أنكرتم أن يكون موسى عليه السلام إنما أراد بقوله «رب أرني أنظر إليك» أي عرفني نفسك اضطرارا أو أرني آية من آيات الساعة؟.
قيل لهم أنكرنا ذلك لأنه غير جائز في اللغة. لأن القائل لا يجوز أن يقول لمن يسمع كلامه ويعرفه ولا يشك فيه أرني أنظر إليك وهو يريد عرفني نفسك أو أرني فعلا من أفعالك. هذا غير مستعمل في اللسان.
ولأن النظر إذا أطلق فليس معناه إلا رؤية العين. وإن أريد به العلم فبدليل ولأن النظر الذي في الآية معدى بقوله إليك والنظر المعدى ب إلى لا يجوز في كلام العرب أن يراد به إلا نظر العين فبطل ما قالوا مسألة وإن سألوا عن قوله عز وجل: يسألك أهل الكتاب أن تنزل