كما أنه لو لم يكن له إرادة وفعل لم يكن عندنا وعندهم فاعلا مريدا لأن الحكم العقلي الواجب عن علة لا يجوز حصوله لبعض من هو له مع عدم العلة الموجبة له ولا لأجل شيء يخالفها لأن ذلك يخرجها عن أن تكون علة الحكم.
دليل آخر ومما يدل أيضا على إثبات علم الله تعالى وقدرته ما ظهر من أفعاله الدالة على كونه عالما قادرا وأنه مفارق للجاهل العاجز وقد ثبت أن الفعل الدال على كون الفاعل عالما قادرا لا بد له من تعلق بمدلول وأن مدلوله لا يجوز أن يكون نفس الفاعل ووجوده ولا صفة ترجع إلى نفسه من حيث ثبت أن معنى وصفه بأنه عالم قادر زائد على وصفه بأنه شيء موجود وأن الوصف له بأنه عالم قادر قد ينتفي عنه مع وجود نفسه وكونه شيئا موجودا فوجب اختلاف معنى هذه الأوصاف.
وكذلك لا يجوز أن تكون دلالة الفعل على أن الفاعل عالم قادر دلالة على صفة ترجع إلى نفسه لأمرين:
أحدهما أن ذلك لو كان كذلك لوجب ألا توجد نفس العالم القادر إلا عالمة قادرة وألا ينتفي عنه هذان الوصفان إلا بانتفاء نفسه وبطلانها كما أن السواد الذي هو سواد لنفسه يجب ألا تعلم نفسه وتوجد إلا وهي