باب الكلام في معنى الصفة وهل هي الوصف أم معنى سواه إن قال قائل: ما الصفة عندكم وما الوصف وهل هما واحد أم لا؟
قيل له: أما الصفة فهي الشيء الذي يوجد بالموصوف أو يكون له ويكسبه الوصف الذي هو النعت الذي يصدر عن الصفة.
فإن كانت مما يوجد تارة ويعدم أخرى غيرت حكم الموصوف وصيرته عند وجودها على حكم لم يكن عليه عند عدمها وذلك كالسواد والبياض والإرادة والكراهة والعلم والجهل والقدرة والعجز وما جرى مجرى ذلك مما يتغير به الموصوف إذا وجد به ويكسبه حكما لم يكن عليه.
وإن كانت الصفة لازمة كان حكمها أن تكسب من وجدت به حكما يخالف حكم من ليست له تلك الصفة. وذلك نحو حياة الباري سبحانه وعلمه وقدرته وكلامه وإرادته وما عدا ذلك من صفاته الثابتة الموجبة له مفارقة من ليس على هذه الصفات وإن لم يتغير القديم سبحانه بوجودها به عن حالة كان عليها إذ كانت لم تزل موجودة ولم يكن قط سبحانه موجودا وليس بذي حياة ولا علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ثم وجدت هذه الصفات بعد أن لم تكن له. ولا يجوز أيضا أن يوجد وقتا ما وليس له هذه الصفات إذ كان العدم عليها مستحيلا. وإنما يتغير بوجود