واستدلالا لا اضطرارا لوجب أن يعلم سائر المعلومات نظرا واستدلالا وكان يجب أن يكون العلم بسائر المشاهدات والمحسوسات علما واقعا عن نظر واستدلال وهذا جهل من راكبه.
وكذلك يقال لهم: لو جاز أو وجب العلم ببعض هذه الأمور من ناحية الخبر كالعلم بالصين وخراسان والسير والممالك لجاز أن يكون سائر الأمور معلومة خبرا وإذا جاز أو وجب أن يعلم بعض الأمور بغير خبر استحال العلم بشيء من جهة الخبر أصلا فإن لم يجب هذا أجمع لم يجب إذا علم بعض الأمور عقلا أن يعلم سائرها من هذه الجهة ولا إذا علم بعض الأمور اضطرارا وجب العلم بسائرها من هذه الطريقة.
ويخص حشو أصحاب هذه المقالة من أتباع المجوس البراهمة وهم المعتزلة إن استدلوا بهذه الدلالة بأن يقال لهم: لو كان ما قلتموه صحيحا لوجب إذا كان العلم بوجوب بعض الواجبات وحسن بعض المحسنات وقبح بعض المقبحات لا يدرك وينال إلا سمعا نحو وجوب الصلاة وتقديرها والزكوات ونصابها وحسن إيجاب الدية على العاقلة وتقبيل الحجر والسعي بين الصفا والمروة وقبح شرب الخمر والوطء بغير عقد ولا ملك يمين وقبح ترك الصلوات وما جرى مجرى ذلك مما لا سبيل إلى علم وجوبه وقبحه وحسنه من ناحية العقل أن يكون العلم بوجوب النظر عند الخاطر ووجوب المعرفة وحسن العدل والإنصاف وقبح الظلم والعدوان ووجوب شكر المنعم وترك الكفر به مدركا كالعلم بسائره من جهة السمع دون العقل فإن مروا على ذلك تركوا قولهم وأن أبوه أبطلوا استدلالهم.