جهة المعنى ومن طريق اللغة أيضا.
ومما يدل على ذلك أيضا من جهة المعنى أنه لو كانت الصفة في الحقيقة ليست بمعنى أكثر من وصف الواصف وقوله: إن زيدا عالما قادر حي لوجب أن يكون لزيد في الحقيقة في حالة واحدة صفتان متضادتان. ولوجب أن يكون حيا ميتا وقادرا عاجزا وعالما جاهلا إذا قال بعض الواصفين له إنه حي وقال آخر إنه ميت وقال قائل: إنه قادر عالم وقال آخر: إنه عاجز جاهل. فيجب أن لا يكون العلم من صفته أولى من الجهل لأنه قد وجدت له الصفتان فيجب أن يكون زيد عالما جاهلا وحيا ميتا لوجود صفتيه اللتين هما القول. فلما لم يجز ذلك وكان العالم في الحقيقة هو من وجد به العلم ولوجوده به صار عالما بطل أن تكون الصفة هي القول وثبت أنها ما يوجد بذات الموصوف كما أن الحركة واللون هما ما وجدا بذات المتحرك والمتلون دون القول إنه متحرك متلون.
دليل لهم آخر وقد استدلوا على أن الصفة هي نفس الوصف الذي هو القول بأن أهل العربية قالوا: إن الوصف والصفة بمعنى واحد وإنهما بمنزلة الوجه والجهة والوزن والزنة والوعد والعدة فوجب أن تكون الصفة هي القول لأجل هذا الإطلاق.