الذي أوقع الحصار لأنه لو لم يفعله لم يقع الغلاء يقال لهم ليس الأمر كما ظننتم لأنهم لو لم يطبعوا طبعا يحتاجون معه إلى المأكول والمشروب لم يمس أطعمتهم شيء من الغلاء.
فعلم أنه واقع من فعل من طبعهم على الحاجة إلى الغذاء ولولا طبعه لهم كذلك ما احتاجوا إليه وهذا أولى وأحرى. ومع أنه لو خلق الزهد فيهم عن الاغتذاء وإيثار الموت لما اشتروا ما عندهم وإن قل بقليل ولا كثير. وعلى أنه لو وجب أن يكون غلاء الأسعار من السلطان الذي يوقع الحصار ويحمل الناس ويجبرهم على تسعير الطعام ولأنه لو لم يفعل ذلك لم يقع الغلاء على قولهم لوجب إذا ماتوا جوعا عند الحصار أن يكون هو أماتهم وفعل موتهم. وإذا رفع ذلك عنهم وأمدهم بالميرة فحيوا بأكل ما يحمله إليهم لوجب أن يكون هو أحياهم. فدل ما وصفناه على أن جميع هذه الأسعار من الله تعالى.
باب القول في الآجال فإن قال قائل فخبرونا عن المقتول أيموت بأجله المحكوم له به أم هو مقطوع عليه أجله؟.