وفي خبر آخر عتقاء الله من النار وأن آخر من يخرج من النار رجل يقول في النار يا حنان يا منان وقد أطبق سلف الأمة على تسليم هذه الرواية وصحتها مع ظهورها وانتشارها والعلم بأنها مروية من الصحابة والتابعين. ولو كانت مما لم تقم الحجة بها لطعن طاعن فيها بدفع العقل والسمع لها على ما يقوله المعتزلة ولكانت الصحابة أعلم بذلك وأشد تسرعا إلى إنكارها. ولو كانوا قد فعلوا ذلك أو بعضهم لظهر ذلك وانتشر ولتوفرت الدواعي على إذاعته وإبدائه حتى ينقل نقل مثله ويحل العلم به محل العلم بخبر الشفاعة لأن هذه العادة ثابته في الأخبار. وفي العلم بفساد ذلك دليل على ثبوت خبر الشفاعة وبطلان قول المعتزلة إن الغفران باطل بالعقل وموجب لتكذيب السمع وغير ذلك مما يدعونه مسألة فإن قالوا هذه الأحاديث معارضة بمثلها. فروى الحسن البصري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي) فوجب إطراحها.
يقال لهم هذه الرواية التي ذكرتموها غير معروفة ولا ثابتة عند أهل النقل. فلا يجب أن يدفع بها ما قد علمنا نحن وأنتم أنه مروي.