يجرمنكم: لا يكسبنكم شنآن قوم. وتأويل قائل هذا القول قول الشاعر في البيت:
جرمت فزارة: كسبت فزارة أن يغضبوا. قال: وسمعت العرب تقول: فلان جريمة أهله، بمعنى: كاسبهم، وخرج يجرمهم: يكسبهم. وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه متقاربة المعنى وذلك أن من حمل رجلا على بغض رجل فقد أكسبه بغضه، ومن أكسبه بغضه فقد أحقه له.
فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أحسن في الإبانة عن معنى الحرف، ما قاله ابن عباس وقتادة، وذلك توجيههما معنى قوله: ولا يجرمنكم شنآن قوم: ولا يحملنكم شنآن قوم على العدوان.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار: ولا يجرمنكم بفتح الياء من: جرمته أجرمه. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفيين، وهو يحيى بن وثاب والأعمش، ما:
حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير، عن الأعمش، أنه قرأ: ولا يجرمنكم مرتفعة الياء من أجرمته أجرمه وهو يجرمني.
والذي هو أولى بالصواب من القراءتين، قراءة من قرأ ذلك: ولا يجرمنكم بفتح الياء، لاستفاضة القراءة بذلك في قراء الأمصار وشذوذ ما خالفها، وأنها اللغة المعروفة السائرة في العرب، وإن كان مسموعا من بعضها: أجرم يجرم، على شذوذه، وقراءة القرآن بأفصح اللغات أولى وأحق منها بغير ذلك ومن لغة من قال: جرمت، قول الشاعر:
يا أيها المشتكي عكلا وما جرمت * إلى القبائل من قتل وإبآس القول في تأويل قوله تعالى: شنآن قوم.
اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: شنآن بتحريك الشين والنون إلى الفتح، بمعنى: بغض قوم توجيها منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على فعلان نظير الطيران، والنسلان، والعسلان، والرملان. وقرأ ذلك آخرون: شنآن قوم بتسكين النون وفتح الشين، بمعنى الاسم توجيها منهم معناه إلى: لا يحملنكم بغض قوم، فيخرج