حدثني عبد الله بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: إلا ما يتلى عليكم قال: الخنزير.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: إلا ما يتلى عليكم يعني: الخنزير.
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من قال: عني بذلك: إلا ما يتلى عليكم من تحريم الله ما حرم عليكم بقوله: حرمت عليكم الميتة... الآية، لان الله عزو جل استثنى مما أباح لعباده من بهيمة الأنعام ما حرم عليهم منها، والذي حرم عليهم منها ما بينه في قوله: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وإن كان حرمه الله علينا فليس من بهيمة الأنعام فيستثنى منها، فاستثناء ما حرم علينا مما دخل في جملة ما قبل الاستثناء أشبه من استثناء ما حرم مما لم يدخل في جملة ما قبل الاستثناء.
القول في تأويل قوله تعالى: غير محلى الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود غير محلى الصيد وأنتم حرم، أحلت لكم بهيمة الأنعام. فذلك على قولهم من المؤخر الذي معناه التقديم، ف غير منصوب على قول قائلي هذه المقالة على الحال مما في قوله: أوفوا، من ذكر الذين آمنوا. وتأويل الكلام على مذهبهم: أوفوا أيها المؤمنون بعقود الله التي عقدها عليكم في كتابه، لا محلين الصيد وأنتم حرم.
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلت لكم بهيمة الأنعام الوحشية من الظباء والبقر والحمر، غير محلي الصيد: غير مستحلي اصطيادها، وأنتم حرم، إلا ما يتلى عليكم.
ف غير على قول هؤلاء منصوب على الحال من الكاف والميم اللتين في قوله: لكم بتأويل: أحلت لكم أيها الذين آمنوا بهيمة الأنعام، لا مستحلي اصطيادها في حال إحرامكم.
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها، إلا ما يتلى عليكم، إلا ما كان منها وحشيا، فإنه صيد فلا يحل لكم وأنتم حرم. فكأن من قال ذلك، وجه الكلام إلى معنى: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها، إلا ما يتلى عليكم، إلا ما يبين لكم من وحشيها، غير