ولا الهدي ولا القلائد كان المشركون يأخذون من شجر مكة من لحاء السمر، فيتقلدونها، فيأمنون بها من الناس، فنهى الله أن ينزع شجرها فيتقلد.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، قال: جلسنا إلى مطرف بن الشخير، وعنده رجل، فحدثهم في قوله: ولا القلائد قال: كان المشركون يأخذون من شجر مكة من لحاء السمر فيتقلدون، فيأمنون بها في الناس، فنهى الله عز ذكره أن ينزل شجرها فيتقلد.
والذي هو أولى بتأويل قوله: ولا القلائد إذ كانت معطوفة على أول الكلام، ولم يكن في الكلام ما يدل على انقطاعها عن أوله، ولا أنه عنى بها النهى عن التقلد أو اتخاذ القلائد من شئ أن يكون معناه: ولا تحلوا القلائد. فإذ كان ذلك بتأويله أولى، فمعلوم أنه نهي من الله جل ذكره عن استحلال حرمة المقلد هديا كان ذلك أو إنسانا، دون حرمة القلادة وأن الله عز ذكره إنما دل بتحريمه حرمة القلادة على ما ذكرنا من حرمة المقلد، فاجتزأ بذكره القلائد من ذكر المقلد، إذ كان مفهوما عند المخاطبين بذلك معنى ما أريد به.
فمعنى الآية إذ كان الامر على ما وصفنا: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله، ولا الشهر الحرام، ولا الهدي، ولا المقلد بقسميه بقلائد الحرم.
وقد ذكر بعض الشعراء في شعره، ما ذكرنا عمن تأول القلائد أنها قلائد لحاء شجر الحرم الذي كان أهل الجاهلية يتقلدونه، فقال وهو يعيب رجلين قتلا رجلين كانا تقلدا ذلك:
ألم تقتلا الحرجين إذ أعوراكما * يمران بالأيدي اللحاء المضفرا والحرجان: المقتولان كذلك. ومعنى قوله: أعوراكما: أمكناكما من عورتهما.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا آمين البيت الحرام.