يعني تعالى ذكره بقوله: يستفتونك يسألونك يا محمد أن تفتيهم في الكلالة. وقد بينا معنى الكلالة فيما مضى بالشواهد الدالة على صحته، وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيه فأغنى ذلك عن إعادته، وبينا أن الكلالة عندنا ما عدا الولد والوالد. إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك يعني بقوله: إن امرؤ هلك: إن انسان من الناس مات. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: إن امرؤ هلك يقول: مات.
ليس له ولد ذكر ولا أنثى وله أخت يعني: وللميت أخت لأبيه وأمه، أو لأبيه. فلها نصف ما ترك يقول: فلأخته التي تركها بعده بالصفة التي وصفنا نصف تركته ميراثا عنه دون سائر عصبته، وما بقي فلعصبته.
وذكر أن أصحاب رسول الله (ص) همهم شأن الكلالة، فأنزل الله تبارك وتعالى فيها هذه الآية. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة فسألوا عنها نبي الله، فأنزل الله في ذلك القرآن:
إن امرؤ هلك ليس له ولد فقرأ حتى بلغ: والله بكل شئ عليم. قال: وذكر لنا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال في خطبته: ألا إن الآية التي أنزل الله في أول سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد، والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والاخوة من الأم، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الاخوة والأخوات من الأب والأم، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله مما جرت الرحم من العصبة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الشيباني، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، قال: سأل عمر بن الخطاب النبي (ص) عن الكلالة، فقال: أليس قد بين الله ذلك؟ قال فنزلت: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة.