حدثنا به الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن قتادة: وكلمته ألقاها إلى مريم قال: هو قوله: كن فكان.
وقد بينا اختلاف المختلفين من أهل الاسلام في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله: ألقاها إلى مريم يعني: أعلمها بها وأخبرها، كما يقال:
ألقيت إليك كلمة حسنة، بمعنى أخبرتك بها، وكلمتك بها.
وأما قوله: وروح منه فإن أهل العلم اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معنى قوله: وروح منه: ونفخة منه، لأنه حدث عن نفخة جبريل عليه السلام في درع مريم بأمر الله إياه بذلك، فنسب إلى أنه روح من الله، لأنه بأمره، كان، قال: وإنما سمي النفخ روحا لأنها ريح تخرج من الروح، واستشهدوا على ذلك من قولهم بقول ذي الرمة في صفة نار نعتها:
فلما بدت كفنتها وهي طفلة * بطلساء لم تكمل ذراعا ولا شبرا وقلت له ارفعها إليك وأحيها * بروحك واقتته لها قيتة قدرا وظاهر لها من بائس الشخت واستعن * عليها الصبا واجعل يديك لها سترا فلما جرت للجزل جريا كأنه * سنا البرق أحدثنا لخالقها شكرا وقالوا: يعني بقوله: أحيها بروحك: أي أحيها بنفخك.
وقال بعضهم: يعني بقوله: وروح منه: أنه كان إنسانا بإحياء الله له بقوله: كن، قالوا: وإنما معنى قوله: وروح منه: وحياة منه، بمعنى: إحياء الله إياه بتكوينه.
وقال بعضهم: معنى قوله: وروح منه ورحمة منه كما قال جل ثناؤه في موضع آخر: وأيدهم بروح منه. قال: ومعناه في هذا الموضع: ورحمة منه. قال: فجعل الله عيسى رحمة منه على من اتبعه وآمن به وصدقه، لأنه هداهم إلى سبيل الرشاد.