ومآكلهم وسائر المشركين غيرهم، ما أنزل عليه فيهم من معايبهم والازراء عليهم والتقصير بهم والتهجين لهم، وما أمرهم به ونهاهم عنه، وأن لا يشعر نفسه حذرا منهم أن يصيبه في نفسه مكروه، ما قام فيهم بأمر الله، ولا جزعا من كثرة عددهم وقلة عدد من معه، وأن لا يتقى أحدا في ذات الله، فإن الله تعالى كافيه كل أحد من خلقه، ودافع عنه مكروه كل من يتقي مكروهه. وأعلمه تعالى ذكره أنه إن قصر عن إبلاغ شئ مما أنزل إليه إليهم، فهو في تركه تبليغ ذلك وإن قل ما لم يبلغ منه، فهو في عظيم ما ركب بذلك من الذنب بمنزلته لو لم يبلغ من تنزيله شيئا.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته يعني: إن كتمت آية مما أنزل عليك من ربك، لم تبلغ رسالتي.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك... الآية، أخبر الله نبيه (ص) أنه سيكفيه الناس ويعصمه منهم، وأمره بالبلاغ. ذكر لنا أن نبي الله (ص) قيل له: لو احتجبت فقال: والله لأبدين عقبي للناس ما صاحبتهم.
حدثني الحرث بن محمد، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد، قال: لما نزلت: بلغ ما أنزل إليك من ربك قال: إنما أنا واحد، كيف أصنع؟ تجتمع علي الناس فنزلت: وإن لم تفعل فما بلغت رسالته...
الآية.
حدثنا هناد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير، عن ثعلبة، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال: لما نزلت: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل