أعلم تعالى ذكره نبيه (ص) أنهم أهل عتو وتمرد على ربهم، وأنهم لا يذعنون لحق وإن علموا صحته، ولكنهم يعاندونه يسلي بذلك نبيه محمدا (ص) عن الموجدة بهم في ذهابهم عن الله وتكذيبهم إياه. وقد بينت معنى الطغيان فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا حملهم حسد محمد (ص) والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبا عندهم.
القول في تأويل قوله تعالى: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
يعني تعالى ذكره بقوله: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة بين اليهود والنصارى. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة اليهود والنصارى.
فإن قال قائل: وكيف قيل: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء جعلت الهاء والميم في قوله بينهم كناية عن اليهود والنصارى، ولم يجر لليهود والنصارى ذكر؟ قيل: قد جرى لهم ذكر، وذلك قوله: لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض جرى الخبر في بعض الآي عن الفريقين وفي بعض عن أحدهما، إلى أن انتهى إلى قوله:
وألقينا بينهم العداوة والبغضاء، ثم قصد بقوله: ألقينا بينهم الخبر عن القريقين.
القول في تأويل قوله تعالى: كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله.
يقول تعالى ذكره: كلما جمع أمرهم على شئ فاستقام واستوى فأرادوا مناهضة من ناوأهم، شتته الله عليهم وأفسده، لسوء فعالهم وخبث نياتهم. كالذي:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم