يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وقال: لا تجعل يدك مغلولة يقول: لا تمسك يدك عن النفقة.
واختلف أهل الجدل في تأويل قوله: بل يداه مبسوطتان فقال بعضهم: عني بذلك نعمتاه، وقال: ذلك بمعنى: يد الله على خلقه، وذلك نعمه عليهم وقال: إن العرب تقول: لك عندي يد، يعنون بذلك: نعمة.
وقال آخرون منهم: عنى بذلك القوة، وقالوا: ذلك نظير قول الله تعالى ذكره:
واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدي.
وقال آخرون منهم: بل يده ملكه وقال: معنى قوله: وقالت اليهود يد الله مغلولة: ملكه وخزائنه. قالوا: وذلك كقول العرب للمملوك: هو ملك يمينه، وفلان بيده عقدة نكاح فلانة: أي يملك ذلك، وكقول الله تعالى ذكره: فقدموا بين يدي نجواكم صدقة.
وقال آخرون منهم: بل يد الله صفة من صفاته هي يد، غير أنها ليست بجارحة كجوارح بني آدم. قالوا: وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن خصوصية آدم بما خصه به من خلقه إياه بيده. قالوا: ولو كان لخصوصية آدم بذلك وجه مفهوم، إذ كان جميع خلقه مخلوقين بقدرته ومشيئته في خلقه تعمه وهو لجميعهم مالك. قالوا: وإذا كان تعالى ذكره قد خص آدم بذكره خلقه إياه بيده دون غيره من عباده، كان معلوما إنه إنما خصه بذلك لمعنى به فارق غيره من سائر الخلق. قالوا: وإذا كان ذلك كذلك، بطل قول من قال: معنى اليد من الله القوة والنعمة أو الملك في هذا الموضع. قالوا: وأحرى أن ذلك لو كان كما قال الزاعمون إن يد الله في قوله: وقالت اليهود يد الله مغلولة هي نعمته، لقيل: بل يده مبسوطة، ولم يقل: بل يداه، لان نعمة الله لا تحصى بكثرة وبذلك جاء التنزيل، يقول الله تعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها قالوا: ولو كانت نعمتين كانتا محصاتين.