غير أن العين لما سكنت، نقلت حركتها إلى الفاء، وهي الثاء من مثوبة، فخرجت مخرج مقولة، ومحورة، ومضوفة، كما قال الشاعر:
وكنت إذا جاري دعا لمضوفة * أشمر حتى ينصف الساق مئزري وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل: ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: قل هل أنبئكم بشر من ذلك متوبة عند الله يقول: ثوابا عند الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله قال: المثوبة: الثواب، مثوبة، مثوبة الخير ومثوبة الشر، وقرأ: شر ثوابا.
وأما من في قوله: من لعنه الله فإنه في موضع خفض ردا على قوله: بشر من ذلك.
فكأن تأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله بمن لعنه الله. ولو قيل هو في موضع رفع لكان صوابا على الاستئناف، بمعنى: ذلك من لعنه الله، أو هو من لعنه الله. ولو قيل هو في موضع نصب لم يكن فاسدا، بمعنى: قل هل أنبئكم من لعنه الله، فيجعل أنبئكم على ما في من واقعا عليه. وأما معنى قوله: من لعنه الله فإنه يعني: من أبعده الله وأسحقه من رحمته وغضب عليه. وجعل منهم القردة والخنازير يقول: وغضب عليه، وجعل منهم المسوخ القردة والخنازير، غضبا منه عليهم وسخطا، فعجل لهم الخزي والنكال في الدنيا. وأما سبب مسخ الله من مسخ منهم قردة فقد ذكرنا بعضه فيما مضى من كتابنا هذا، وسنذكر بقيته إن شاء الله في مكان غير هذا.