حدثني بذلك المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شيخ بصري: أن بريدة كان يقرؤه كذلك.
ولو قرئ ذلك: وعبد الطاغوت، بالكسر كان له مخرج في العربية صحيح، وإن لم أستجز اليوم القراءة بها، إذ كانت قراءة الحجة من القراء بخلافها ووجه جوازها في العربية أن يكون مرادا بها وعبدة الطاغوت، ثم حذفت الهاء من العبدة للإضافة، كما قال الراجز:
(قام ولاها فسقوه صرخدا) يريد: قام ولاتها، فحذف التاء من ولاتها للإضافة.
وأما قراءة القراء فبأحد الوجهين اللذين بدأت بذكرهما، وهو: وعبد الطاغوت بنصب الطاغوت وإعمال عبد فيه، وتوجيه عبد إلى أنه فعل ماض من العبادة. والآخر:
عبد الطاغوت على مثال فعل، وخفض الطاغوت بإضافة عبد إليه. فإذا كانت قراءة القراء بأحد هذين الوجهين دون غيرهما من الأوجه التي هي أصح مخرجا في العربية منهما، فأولاهما بالصواب من القراءة قراءة من قرأ ذلك: وعبد الطاغوت بمعنى:
وجعل منهم القردة والخنازير، ومن عبد الطاغوت لأنه ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود: وجعل منهم القردة والخنازير وعبد والطاغوت بمعنى: والذين عبدوا الطاغوت. ففي ذلك دليل واضح على صحة المعنى الذي ذكرنا من أنه مراد به: ومن عبد الطاغوت، وأن النصب بالطاغوت أولى على ما وصفت في القراءة لأعمال عبد فيه، إذ كان الوجه الآخر غير مستفيض في العرب ولا معروف في كلامها على أن أهل العربية يستنكرون إعمال شئ في من والذي المضمرين مع من وفي إذا كفت من أو في منهما، ويستقبحونه، حتى كان بعضهم يحيل ذلك ولا يجيزه. وكان الذي يحيل ذلك يقرؤه: وعبد الطاغوت، فهو على قوله خطأ ولحن غير جائز. وكان آخرون منهم يستجيزونه على قبح، فالواجب على قولهم أن تكون القراءة بذلك قبيحة وهم مع