بينهم، وعندهم التوراة التي أنزلتها على موسى، التي يقرون بها أنها حق وأنها كتابي الذي أنزلته على نبيي، وأن ما فيه من حكم فمن حكمي، يعلمون ذلك لا يتناكرونه ولا يتدافعونه، ويعلمون أن حكمي فيها على الزاني المحصن الرجم، وهم مع عملهم بذلك يتولون يقول: يتركون الحكم به بعد العلم بحكمي فيه جراءة علي وعصيانا لي. وهذا وإن كان من الله تعالى ذكره خطابا لنبيه (ص)، فإنه تقريع منه لليهود الذين نزلت فيهم هذه الآية، يقول لهم تعالى: كيف تقرون أيها اليهود بحكم نبيي محمد (ص) مع جحود نبوته وتكذيبكم إياه، وأنتم تتركون حكمي الذي تقرون به أنه حق عليكم واجب جاءكم به موسى من عند الله؟ يقول:
فإذا كنتم تتركون حكمي الذي جاءكم به موسى الذي تقرون بنبوته في كتابي فأنتم بترك حكمي الذي يخبركم به نبيي محمد أنه حكمي أحرى مع جحودكم نبوته ثم قال تعالى ذكره مخبر عن حال هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآية عنده وحال نظرائهم من الجائرين عن حكمة الزائلين عن محجة الحق وما أولئك بالمؤمنين يقول ليس من فعل هذا الفعل: أي من تولى عن حكم الله الذي حكم به في كتابه الذي أنزله على نبيه في خلقه بالذي صدق الله ورسوله فأقر بتوحيده ونبوة نبيه (ص) لان ذلك ليس من فعل أهل الايمان. وأصل التولي عن الشئ: الانصراف عنه كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير: ثم يتولون من بعد ذلك قال: توليهم ما تركوا من كتاب الله.
حدثنا المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله يعني: حدود الله، فأخبر الله بحكمه في التوراة.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
وعندهم التوراة فيها حكم الله: أي بيان الله ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم، ثم يتولون من بعد ذلك الآية.
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: قال يعني الرب تعالى ذكره يعيرهم: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله يقول الرجم. القول في تأويل قوله تعالى: * (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين