أراد تعالى ذكره نهيهم عن أكل السحت على تحريفهم كتاب الله وتغييرهم حكمه عما حكم به في الزانيين المحصنين، وغير ذلك من الاحكام التي بدلوها، طلبا منهم للرشا كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا قال: لا تأكلوا السحت على كتابي. وقال مرة أخرى، قال: قال ابن زيد في قوله: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قال: لا تأخذوا به رشوة.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا: ولا تأخذوا طعما قليلا على أن تكتموا ما أنزلت.
القول في تأويل قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
يقول تعالى ذكره: ومن كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه، وجعله حكما بين عباده فأخفاه، وحكم بغيره، كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم، وكتمانهم الرجم، وكقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفي بعض بنصف الدية، وفي الاشراف بالقصاص وفي الأدنياء بالدية، وقد سوى الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة فأولئك هم الكافرون يقول: هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزل الله في كتابه، ولكن بدلوا وغيروا حكمه وكتموا الحق الذي أنزله في كتابه. هم الكافرون يقول: هم الذين ستروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينه وغطوه عن الناس وأظهروا لهم غيره وقضوا به لسحت أخذوه منهم عليه.
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل الكفر في هذا الموضع. فقال بعضهم بنحو ما قلنا في ذلك، من أنه عنى به اليهود الذين حرفوا كتاب الله وبدلوا حكمه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب، عن النبي (ص) في قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون في الكافرين كلها.