وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتا أو مجلف يعني بالمسحت: الذي قد استأصله هلاكا بأكله إياه وإفساده، ومنه قوله تعالى:
فيسحتكم بعذاب وتقول العرب للحالق: اسحت الشعر: أي استأصله.
القول في تأويل قوله تعالى: فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين.
يعني تعالى ذكره بقوله: فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم: إن جاء هؤلاء القوم الآخرون الذين لم يأتوك بعد، وهم قوم المرأة البغية، محتكمين إليك، فاحكم بينهم إن شئت بالحق الذي جعله الله حكما له، فيمن فعل فعل المرأة البغية منهم، أو أعرض عنهم، فدع الحكم بينهم إن شئت والخيار إليك في ذلك.
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أو أعرض عنهم يهود، زنى رجل منهم له نسب حقير فرجموه، ثم زنى منهم شريف فحمموه، ثم طافوا به، ثم استفتوا رسول الله (ص) ليوافقهم. قال: فأفتاهم فيه بالرجم، فأنكروه، فأمرهم أن يدعوا أحبارهم ورهبانهم، فناشدهم بالله أيجدونه في التوراة، فكتموه إلا رجلا من أصغرهم أعور، فقال: كذبوك يا رسول الله، إنه لفي التوراة حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني الليث، عن ابن شهاب: أن الآية التي في سورة المائدة: فإن جاؤوك فاحكم بينهم كانت في شأن الرجم.