المدارس، فقال لهم: يا معشر اليهود أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ماذا تجدون في التوراة من العقوبة على من زنى وقد أحصن؟ قالوا: إنا نجده يحمم ويجلده.
وسكت حبرهم في جانب البيت. فلما رأى رسول الله (ص) صمته ألظ به النشدة، فقال حبرهم: اللهم إذ نشدتنا فإنا نجد عليهم الرجم. فقال له رسول الله (ص): فماذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله؟ قال: زنى ابن عم ملك فلم يرجمه، ثم زنى رجل آخر في أسرة من الناس، فأراد ذلك الملك رجمه، فقام دونه قومه، فقالوا: والله لا ترجمه حتى ترجم فلانا ابن عم الملك فاصطلحوا بينهم عقوبة دون الرجم، وتركوا الرجم. فقال رسول الله (ص):
فإني أقضي بما في التوراة. فأنزل الله في ذلك: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر... إلى قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
وقال آخرون: بل عني بذلك المنافقون. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير في قوله: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم قال: هم المنافقون.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: آمنا بأفواههم قال: يقول هم المنافقون.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: عني بذلك: لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم: قوم من المنافقين.
وجائز أن يكون كان ممن دخل في هذه الآية ابن صوريا، وجائز أن يكون أبو لبابة، وجائز أن يكون غيرهما. غير أن أثبت شئ روي في ذلك ما ذكرناه من الرواية قبل عن أبي هريرة والبراء بن عازب، لان ذلك عن رجلين من أصحاب رسول الله (ص). وإذا كان ذلك كذلك، كان الصحيح من القول فيه أن يقال: عني به عبد الله بن صوريا. وإذا صح ذلك كان تأويل الآية: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك والتكذيب بأنك لي نبي من الذين قالوا: صدقنا بك يا محمد أنك لله رسول مبعوث، وعلمنا بذلك يقينا بوجودنا