وعكرمة: قوله: ولا تزال تطلع على خائنة منهم من يهود مثل الذي هموا بالنبي (ص) يوم دخل عليهم.
وقال بعض القائلين: معنى ذلك: ولا تزال تطلع على خائن منهم، قال: والعرب تزيد الهاء في آخر المذكر كقولهم: هو راوية للشعر، ورجل علامة، وأنشد:
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن * للغدر خائنة مغل الإصبع فقال خائنة، وهو يخاطب رجلا.
والصواب من التأويل في ذلك القول الذي رويناه عن أهل التأويل، لان الله عنى بهذه الآية القوم من يهود بني النضير الذين هموا بقتل رسول الله (ص) وأصحابه، إذ أتاهم رسول الله (ص) يستعينهم في دية العامريين، فأطلعه الله عز ذكره على ما قد هموا به. ثم قال جل ثناؤه بعد تعريفه أخبار أوائلهم وإعلامه منهج أسلافهم وأن آخرهم على منهاج أولهم في الغدر والخيانة، لئلا يكبر فعلهم ذلك على نبي الله (ص)، فقال جل ثناؤه: ولا تزال تطلع من اليهود على خيانة وغدر ونقض عهد. ولم يرد أنه لا يزال يطلع على رجل منهم خائن، وذلك أن الخبر ابتدئ به عن جماعتهم، فقيل: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم، ثم قيل: ولا تزال تطلع على خائنة منهم، فإذ كان الابتداء عن الجماعة فلتختم بالجماعة أولى.
القول في تأويل قوله تعالى: فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين.
وهذا أمر من الله عز ذكره نبيه محمدا (ص) بالعفو عن هؤلاء القوم الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود، يقول الله عز وجل له: اعف يا محمد عن هؤلاء اليهود الذين هموا بما هموا به من بسط أيديهم إليك وإلى أصحابك بالقتل، واصفح لهم عن جرمهم