عن السدي: وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه أما أبناء الله فإنهم قالوا: إن الله أوحى إلى إسرائيل أن ولدا من ولدك أدخلهم النار فيكونون فيها أربعين يوما حتى تطهرهم وتأكل خطاياهم، ثم ينادي مناد: أن أخرجوا كل مختون من ولد إسرائيل، فأخرجهم. فذلك قوله: لن تمسنا النار إلا أياما معدودات. وأما النصارى، فإن فريقا منهم قال للمسيح: ابن الله.
والعرب قد تخرج الخبر إذا افتخرت مخرج الخبر عن الجماعة، وإن كان ما افتخرت به من فعل واحد منهم، فتقول: نحن الأجواد الكرام، وإنما الجواد فيهم واحد منهم وغير المتكلم الفاعل ذلك، كما قال جرير:
ندسنا أبا مندوسة القين بالقنا * وما ردم من جار بيبة ناقع فقال: ندسنا، وإنما النادس: رجل من قوم جرير غيره، فأخرج الخبر مخرج الخبر عن جماعة هو أحدهم. فكذا أخبر الله عز ذكره عن النصارى أنها قالت ذلك على هذا الوجه إن شاء الله. وقوله: وأحباؤه وهو جمع حبيب، يقول الله لنبيه محمد (ص): قل لهؤلاء الكذبة المفترين على ربهم فلم يعذبكم ربكم؟ يقول: فلأي شئ يعذبكم ربكم بذنوبكم إن كان الامر كما زعمتم أنكم أبناؤه وأحباؤه، فإن الحبيب لا يعذب حبيبه، وأنتم مقرون أنه معذبكم. وذلك أن اليهود قالت: إن الله معذبنا أربعين يوما عدد الأيام التي عبدنا فيه العجل، ثم يخرجنا جميعا منها فقال الله لمحمد (ص): قل لهم: إن كنتم كما تقولون أبناء الله وأحباؤه، فلم يعذبكم بذنوبكم؟ يعلمهم عز ذكره أنهم أهل فرية وكذب على الله وجل.
عز.
القول في تأويل قوله تعالى: بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.