حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس: فبما نقضهم ميثاقهم قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه.
وقد ذكرنا معنى اللعن في غير هذا الموضع. والهاء والميم من قوله: فبما نقضهم عائدتان على ذكر بني إسرائيل قبل.
القول في تأويل قوله تعالى: وجعلنا قلوبهم قاسية.
اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل مكة والبصرة والكوفة: قاسية بالألف، على تقدير فاعلة، من قسوة القلب، من قول القائل: قسا قلبه، فهو يقسو وهو قاس، وذلك إذا غلظ واشتد وصار يابسا صلبا، كما قال الراجز:
(وقد قسوت وقست لداتي) فتأويل الكلام على هذه القراءة: فلعنا الذين نقضوا عهدي ولم يفوا بميثاقي من بني إسرائيل بنقضهم ميثاقهم الذي واثقوني، وجعلنا قلوبهم قاسية غليظة يابسة عن الايمان بي والتوفيق لطاعتي، منزوعة منها الرأفة والرحمة. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: وجعلنا قلوبهم قسية.
ثم اختلف الذين قرأوا ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: معنى ذلك: معنى القسوة، لان فعيلة في الذم أبلغ من فاعلة، فاخترنا قراءتها قسية على قاسية لذلك.
وقال آخرون منهم: بل معنى قسية غير معنى القسوة وإنما القسية في هذا الموضع القلوب التي لم يخلص إيمانها بالله، ولكن يخالط إيمانها كفر كالدراهم القسية، وهي التي يخالط فضتها غش من نحاس أو رصاص وغير ذلك، كما قال أبو زبيد الطائي:
لها صواهل في صم السلام كما * صاح القسيات في أيدي الصياريف يصف بذلك وقع مساحي الذين حفروا قبر عثمان على الصخور، وهي السلام.