حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قال: هم اليهود والنصارى، أغرى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
وقال آخرون: بل عنى الله بذلك: النصارى وحدها. وقالوا: معنى ذلك: فأغرينا بين النصارى عقوبة لها بنيسانها حظا مما ذكرت به. قالوا: وعليها عادت الهاء والميم في بينهم دون اليهود. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: إن الله عز ذكره تقدم إلى بني إسرائيل أن لا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، وعلموا الحكمة ولا تأخذوا عليها أجرا. فلم يفعل ذلك إلا قليل منهم، فأخذوا الرشوة في الحكم وجاوزوا الحدود، فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله:
وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يومه القيامة وقال في النصارى: فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
وأولى التأويلين بالآية عندي ما قاله الربيع بن أنس، وهو أن المعنى بالاغراء بينهم:
النصارى في هذه الآية خاصة، وأن الهاء والميم عائدتان على النصارى دون اليهود، لان ذكر الاغراء في خبر الله عن النصارى بعد تقضي خبره عن اليهود، وبعد ابتدائه خبره عن النصارى، فأن لا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة أولى من أن يكون معنيا به الحزبان جميعا لما ذكرنا.
فإن قال قائل: وما العداوة التي بين النصارى، فتكون مخصوصة بمعنى ذلك؟ قيل:
ذلك عداوة النسطورية واليعقوبية والملكية النسطورية واليعقوبية، وليس الذي قاله من قال معنى بذلك: إغراء الله بين اليهود والنصارى ببعيد، غير أن هذا أقرب عندي وأشبه بتأويل الآية لما ذكرنا.
القول في تأويل قوله تعالى: وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون.