وجوهكم وأيديكم إلى المرافق: أترى أن يخلف المرفقين في الوضوء؟ قال: الذي أمر به أن يبلغ المرفقين، قال تبارك وتعالى: فاغسلوا وجوهكم فذهب هذا يغسل خلفه فقيل له: فإنما يغسل إلى المرفقين والكعبين لا يجاوزهما؟ فقال: لا أدري ما لا يجاوزهما أما الذي أمر به أن يبلغ به فهذا: إلى المرفقين والكعبين. حدثنا يونس، عن أشهب عنه. وقال الشافعي: لم أعلم مخالفا في أن المرافق فيما يغسل كأنه يذهب إلى أن معناها: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى أن تغسل المرافق. حدثنا بذلك عنه الربيع.
وقال آخرون: إنما أوجب الله بقوله: وأيديكم إلى المرافق غسل اليدين إلى المرافق، فالمرفقان غاية لما أوجب الله غسله من آخر اليد، والغاية غير داخلة في الحد، كما غير داخل الليل فيما أوجب الله تعالى على عباده من الصوم بقوله: ثم أتموا الصيام إلى الليل لان الليل غاية لصوم الصائم، إذا بلغه فقد قضى ما عليه. قالوا: فكذلك المرافق في قوله: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق غاية لما أوجب الله غسله من اليد. وهذا قول زفر بن الهذيل.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أن غسل اليدين إلى المرفقين من الفرض الذي إن تركه أو شيئا منه تارك، لم تجزه الصلاة مع تركه غسله. فأما المرفقان وما وراءهما، فإن غسل ذلك من الندب الذي ندب إليه (ص) أمته بقوله: أمتي الغر المحجلون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فلا تفسد صلاة تارك غسلهما وغسل ما وراءهما، لما قد بينا قبل فيما مضى من أن لك غاية حدت ب إلى فقد تحتمل في كلام العرب دخول الغاية في الحد وخروجها منه. وإذا احتمل الكلام ذلك لم يجز لاحد