فنادته، وإذا لم يكن ذلك بينهما، فالكلام الفصيح من كلام العرب إذ نصبت بقول:
ناديت اسم المنادى، وأوقعوه عليه أن يوقعوه كذلك على أن بعده وإن كان جائزا إبطال عمله، فقوله: نادته، قد وقع على مكني زكريا، فكذلك الصواب أن يكون واقعا على أن وعاملا فيها، مع أن ذلك هو القراءة المستفيضة في قراءة أمصار الاسلام، ولا يعترض بالشاذ على الجماعة التي تجئ مجئ الحجة.
وأما قوله: * (يبشرك) * فإن القراء اختلفت في قراءته، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: * (أن الله يبشرك) * بتشديد الشين وضم الياء على وجه تبشير الله زكريا بالولد، من قول الناس: بشرت فلانا البشرى بكذا وكذا، أي أتته بشارات البشرى بذلك.
وقرأ ذلك جماعة من قراء الكوفة وغيرهم: أن الله يبشرك بفتح الياء وضم الشين وتخفيفها، بمعنى: أن الله يسرك بولد يهبه لك، من قول الشاعر:
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة * أتتك من الحجاج يتلى كتابها وقد قيل: إن بشرت لغة أهل تهامة من كنانة وغيرهم من قريش، وأنهم يقولون:
بشرت فلانا بكذا فأنا أبشره بشرا، وهل أنت باشر بكذا؟ وينشد لهم البيت في ذلك:
وإذا رأيت الباهشين إلى العلا * غبرا أكفهم بقاع ممحل فأعنهم وابشر بما بشروا به * وإذا هم نزلوا بضنك فأنزل