غير أن الصواب عندنا إذا مد زكريا، أن ينصب بغير تنوين، لأنه اسم من أسماء العجم لا يجرى، ولان قراءتنا في كفلها بالتشديد وتثقيل الفاء، فزكرياء منصوب بالفعل الواقع عليه. وفي زكريا لغة ثالثة لا تجوز القراءة بها لخلافها مصاحف المسلمين وهو زكري بحذف المدة والياء الساكنة، تشبهه العرب بالمنسوب من الأسماء فتنونه، وتجريه في أنواع الاعراب مجاري ياء النسبة.
فتأويل الكلام: وضمها الله إلى زكريا، من قول الشاعر:
فهو لضلال الهوام كافل يراد أنه لما ضل من متفرق النعم ومنتشره، ضام إلى نفسه وجامع. وقد روي:
فهو لضلال الهوافي كافل بمعنى أنه لما ند فهرب من النعم ضام، من قولهم: هفا الظليم: إذا أسرع الطيران، يقال منه للرجل: ما لك تكفل كل ضالة؟ يعني به: تضمها إليك وتأخذها.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن النضر بن عربي، عن عكرمة في قوله: * (إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) * قال: ألقوا أقلامهم فجرت بها الجرية إلا قلم زكريا صاعدا، فكفلها زكريا.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: * (وكفلها زكريا) * قال: ضمها إليه. قال: ألقوا أقلامهم، يقول عصيهم. قال: فألقوها تلقاء جرية الماء، فاستقبلت عصا زكريا جرية الماء فقرعهم.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال الله عز