وأما قوله: * (فنظرة إلى ميسرة) * فإنه يعني: فعليكم أن تنظروه إلى ميسرة، كما قال:
* (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام) * وقد ذكرنا وجه رفع ما كان من نظائرها فيما مضى قبل، فأغنى عن تكريره. والميسرة: المفعلة من اليسر، مثل المرحمة والمشأمة.
ومعنى الكلام: وإن كان من غرمائكم ذو عسرة، فعليكم أن تنظروه حتى يوسر بما ليس لكم، فيصير من أهل اليسر به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني واصل بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * قال:
نزلت في الربا.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا هشام، عن ابن سيرين: أن رجلا خاصم رجلا إلى شريح قال: فقضى عليه، وأمر بحبسه. قال: فقال رجل عند شريح: إنه معسر، والله يقول في كتابه: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * قال: فقال شريح: إنما ذلك في الربا، وإن الله قال في كتابه: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) * ولا يأمرنا الله بشئ ثم يعذبنا عليه.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم في قوله: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * قال: ذلك في الربا.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن الحسن: أن الربيع بن خثيم كان له على رجل حق، فكان يأتيه ويقوم على بابه ويقول: أي فلان إن كنت موسرا فأد، وإن كنت معسرا فإلى ميسرة.
حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، قال: جاء رجل إلى شريح، فكلمه، فجعل يقول: إنه معسر، إنه معسر، قال: فظننت أنه يكلمه في محبوس.
فقال شريح: إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار، فأنزل الله عز وجل: * (وإن كان ذو