ربا لا يحل، فإذا قيل لهما ذلك، قالا: سواء علينا زدنا في أول البيع أو عند محل المال فكذبهم الله في قيلهم، فقال: * (وأحل الله البيع) *.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *.
يعني جل ثناؤه: وأحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع، وحرم الربا يعني الزيادة التي يزاد رب المال بسبب زيادته غريمه في الاجل، وتأخيره دينه عليه. يقول عز وجل: وليست الزيادتان اللتان إحداهما من وجه البيع، والأخرى من وجه تأخير المال والزيادة في الاجل سواء وذلك أني حرمت إحدى الزيادتين، وهي التي من وجه تأخير المال والزيادة في الاجل، وأحللت الأخرى منهما، وهي التي من وجه الزيادة على رأس المال الذي ابتاع به البائع سلعته التي يبيعها فيستفضل فضلها، فقال الله عز وجل ليست الزيادة من وجه البيع نظير الزيادة من وجه الربا، لأني أحللت البيع، وحرمت الربا، والامر أمري والخلق خلقي، أقضي فيهم ما أشاء، وأستعبدهم بما أريد، ليس لأحد منهم أن يعترض في حكمي، ولا أن يخالف أمري، وإنما عليهم طاعتي والتسليم لحكمي. ثم قال جل ثناؤه: * (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى) * يعني بالموعظة: التذكير والتخويف الذي ذكرهم وخوفهم به في آي القرآن، وأوعدهم على أكلهم الربا من العقاب، يقول جل ثناؤه: فمن جاءه ذلك فانتهى عن أكل الربا، وارتدع عن العمل به، وانزجر عنه * (فله ما سلف) * يعني ما أكل، وأخذ فمضى قبل مجئ الموعظة والتحريم من ربه في ذلك * (وأمره إلى الله) * يعني وأمر آكله بعد مجيئه الموعظة من ربه والتحريم، وبعد انتهاء آكله عن أكله إلى الله في عصمته وتوفيقه، إن شاء عصمه عن أكله وثبته في انتهائه عنه، وإن شاء خذله عن ذلك. * (ومن عاد) * يقول: ومن عاد لاكل الربا بعد التحريم، وقال ما كان يقوله قبل مجئ الموعظة من الله بالتحريم من قوله: * (إنما البيع مثل الربا) * * (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * يعني ففاعلو ذلك وقائلوه هم أهل النار، يعني نار جهنم فيها خالدون.) وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال، ثنا أسباط، عن السدي: * (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله) * أما الموعظة فالقرآن، وأما ما سلف فله ما أكل من الربا.