وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ولا شك أن مخالفة أوامر الله ونواهيه ظلم يورده الإنسان على نفسه، لأن جميع البرامج والأوامر الإلهية تهدف إلى خير الإنسان، وتتكفل سعادته وتقدمه، وعلى هذا الأساس فإن أية مخالفة من جانب الإنسان تكون مخالفة لتكامل نفسه، وسببا لتأخرها وسقوطها، وآدم وحواء وإن لم يذنبا ولم يرتكبا معصية، ولكن نفس هذا الترك للأولى أنزلهما من مقامهما الرفيع، واستوجب حط منزلتهما.
إن توبة آدم وحواء الخالصة وإن قبلت من جانب الله تعالى - كما نقرأ ذلك في الآية (37) من سورة البقرة فتاب الله - ولكنهما لم يستطيعا على كل حال التخلص من الأثر الوضعي والنتيجة الطبيعة لعملهما، فقد أمرا بمغادرة الجنة، وشمل هذا الأمر الشيطان أيضا: قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين.
كما ذكر الجميع بأنهم سيتعرضون في الأرض للموت بعد الحياة، ثم يخرجون من الأرض مرة أخرى للحساب قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون.
والظاهر أن المخاطبين في هذه الآية: قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو هم آدم وحواء وإبليس جميعا، ولكن لا يبعد أن يكون المخاطبين في الآية اللاحقة هم آدم وحواء فقط لأنهما هما اللذان يخرجان من الأرض.
3 قصة آدم ومستقبل هذا العالم:
إن ببعض المفسرين الذين تأثروا بموجة الأفكار الغربية الإلحادية عادة، وحاولوا أن يضفوا على قصة آدم وحواء من بدايتها إلى نهايتها طابع التشبيه والكناية والمجازية، أو ما يسمى الآن بالرمزية، ويحملوا جميع الألفاظ المتعلقة بهذه الحادثة - على خلاف الظاهر - على الكناية عن المسائل المعنوية.
ولكن الذي لا شك فيه أن ظاهر هذه الآيات يحكي عن حادثة واقعية عينية وقعت لأبينا وأمنا الأولين: آدم وحواء، وحيث أن هذه القصة لا تتضمن أية نكتة