فتقول: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيها طعموا (1) ولكنها تشترط لتلك التقوى والإيمان والعمل الصالح: إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات، ثم تكرر ذلك ثم اتقوا وآمنوا وللمرة الثالثة تكرر الآية بقليل من الاختلاف ثم اتقوا وأحسنوا، وتنتهي بالتوكيد والله يحب المحسنين.
هنالك كلام كثير بين المفسرين القدامى والمحدثين حول هذا التكرار، فبعض يراه للتوكيد ويقول: أن أهمية التقوى والإيمان والعمل الصالح تقتضي الإعادة والتكرار والتوكيد.
إلا أن جمعا آخر من المفسرين يعتقدون أن كل جملة من هذه الجمل المكررة تشير إلى حقيقة منفصلة عن الأخرى، وأن هناك إحتمالات متعددة بشأن اختلاف كل جملة عن الأخرى، ولكن معظم هذه الاحتمالات لا يقوم عليها دليل أو شاهد.
ولعل خير ما قيل بهذه الخصوص هو قولهم: أن المقصود بالتقوى في المرة الأولى هو ذلك الإحساس الداخلي بالمسؤولية والذي يسوق الإنسان نحو البحث والتدقيق في الدين، ومطالعة معجزة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والبحث عن الله، فتكون نتيجة ذلك الإيمان والعمل الصالح، وبعبارة أخرى: إذا لم يكن في الإنسان شئ من التقوى فإنه لا يتجه إلى البحث عن الحقيقة، وعليه فإن ورد كلمة " التقوى " لأول مرة في هذه الآية إشارة إلى هذا المقدار من التقوى، وليس في هذا تناقض مع بداية الآية التي تقول: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات... لأن الإيمان هنا يمكن أن يكون بمعنى التسليم الظاهري، بينما الإيمان الذي يحصل بعد التقوى هو الإيمان الحقيقي.
وتكرار التقوى للمرة الثانية إشارة إلى التقوى التي تنفذ إلى أعماق الإنسان