كما ذكرت الآية نوعا آخر من الجزاء والعقاب لهذه الطائفة النصرانية، وهو أنهم سوف يعلمون نتيجة أعمالهم وسيرونها بأعينهم حيث تقول الآية: سوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون.
وتجدر الإشارة هنا إلى عدة أمور، هي:
1 - إن عبارة " اغرينا " مشتقة من المصدر " إغراء " وتعني الصاق شئ بشئ آخر، كما تعني الترغيب أو حمل الشخص على القيام بعمل معين، بحيث يدفع الشخص إلى الارتباط بأهداف معينة.
وعلى هذا الأساس يكون مفهوم الآية - موضوع البحث - هو أن نقض النصارى لعهدهم وارتكابهم المعاصي أديا إلى أن تنتشر العداوة فيما بينهم ويعمهم النفاق والخلاف، (والمعلوم أن آثار الأسباب التكوينية والطبيعية تنسب إلى الله) وما نراه اليوم من صراعات كثيرة بين الدول المسيحية، كانت في يوم ما سببا لاندلاع الحربين العالميتين، وهي كذلك سبب للتكتلات المقترنة بالعدالة والبغضاء المستمرة فيما بينهم، أضف إلى ذلك الخلافات المذهبية الكثيرة التي تسود بين الطوائف المسيحية التي ما زالت سببا لاستمرار الصراع والإقتتال فيما بينهم.
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد من استمرار العداوة، هو العداوة والبغضاء الموجودة بين اليهود والنصارى واستمرارها حتى فناء العالم، ولكن الملاحظ من ظاهر الآية هو استمرار العداوة بين المسيحيين أنفسهم (1).
وغني عن البيان أن مثل هذه العاقبة لا تقتصر على المسيحيين وحدهم، فلو أن المسلمين ساروا في نفس هذا الطريق فإن مصيرهم سيكون مشابها لمصير المسيحيين أيضا.
2 - إن كلمة " العداوة " مشتقة من المصدر " عدو " وهي بمعنى التجاوز