فتيمموا صعيدا طيبا.....
وهنا يجب الالتفات إلى أن جملتي أو جاء أحد منكم من الغائط وأو لامستم النساء هما - كما أشرنا سابقا - معطوفتان على بداية الآية، أي على جملة: إذ قمتم إلى الصلاة فالآية أشارت في البداية حقيقة إلى قضية النوم، وتطرقت في آخرها إلى نوعين آخرين من موجبات الوضوء والغسل.
أما لو عطفنا الجملتين على جملة على سفر فسنواجه مشكلتين في هذه الآية وهما أولا: إن عودة الإنسان بعد التخلي لا يمكن أن تكون كحالة المرض أو السفر فلا تناظر بين تلك وهاتين الحالتين، لذلك ترانا مضطرين إلى أن نأخذ حرف " أو " الوارد في الآية بمعنى الواو العاطفة (وأكد هذا الأمر جمع من المفسرين) وهذا خلاف لظاهر الآية.
بالإضافة إلى ذلك فإن ذكر التغوط بصورة خاصة من بين كل موجبات الوضوء سيبقى بدون مبرر، لكننا لو فسرنا الآية بالصورة التي قلناها سابقا فلا يبقى بعد ذلك مبرر لهذين الاعتراضين الأخيرين، (ومع أننا اعتبرنا في تفسير الآية (43) من سورة النساء)، وجريا على ما فعله الكثير من المفسرين، اعتبرنا كلمة " أو " بمعنى الواو العاطفة، إلا أن الذي ذكرناه مؤخرا - هنا - يعتبر أقرب إلى القبول من ذلك.
أما الموضوع الآخر فهو تكرار موضوع الجنابة مرتين في هذه الآية، ويحتمل أن يكون هدف هذا التكرار هو التأكيد على هذه القضية، أو قد تكون كلمة " جنبا " الواردة بمعنى الجنابة التي تحدث أثناء النوم أو بسبب الاحتلام، بينما المراد من جملة أو لامستم النساء هو الجنابة الحاصلة نتيجة المقاربة الجنسية بين الرجل والمرأة، وإذا فسرنا كلمة " قمتم " الواردة في الآية بالقيام من النوم (كما ورد في روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأيضا اشتملت الآية على قرينة بهذا الخصوص) يكون تفسيرنا هذا تأييدا للمعنى الذي أوردناه بخصوص تكرار موضوع الجنابة.