وبديهي أن فائدة الغسل لا تنحصر في الذي تحدثنا عنه قبل قليل، بل أن الغسل يعتبر أيضا نوعا من العبادة التي لها آثار أخلاقية لا تنكره، ولهذا السبب يبطل الغسل إن لم يكن مقترنا بنية الطاعة والتقرب إلى الله سبحانه، لأن الحقيقة هي أن الجسم والروح كليهما يتأثران أثناء خروج " المني " من الإنسان أو لدى حصول المقاربة الجنسية - فالروح تجر بذلك وراء الشهوات المادية ويدفع الجسم إلى حالة الخمول والركود.
وغسل الجنابة يعتبر غسلا للجسم بما يشمله من عملية إيصال الماء إلى جميع أجزائه، ويعتبر غسلا للروح بما يحتويه من نية الطاعة والتقرب إلى الله، أي أن لهذا الغسل أثرين مادي وروحي، يدفع الأثر المادي منه الجسم إلى استعادة حالة النشاط والفعالية، ويدفع الأثر الروحي الإنسان للتوجه إلى الله وإلى المعنويات.
أضف إلى ذلك كله أن وجوب غسل الجنابة في الإسلام هو أيضا من أجل إبقاء جسم الإنسان المسلم طاهرا، كما هو رعاية للجانب الصحي في حياة الإنسان، وقد يوجد الكثير من الناس ممن لا يعتنون بنظافة أجسامهم لكن هذا الأمر والواجب الإسلامي يجبرهم على غسل أجسامهم بين فترة وأخرى ولا يقتصر التهاون في غسل الجسم على إنسان العهود القديمة، بل حتى في عصرنا الحاضر هناك الكثير ممن لا يعتنون بغسل أجسامهم، بل يتهاونون في هذا الأمر الحياتي المهم (وطبيعي أن حكم غسل الجنابة حكم عام، وقانون كلي يشمل حتى الشخص الذي غسل جسمه قبل حصول الجنابة بقليل).
إن الجوانب الثلاثة المذكورة فيما سبق - توضح بمجموعها سبب وجوب الغسل لدى خروج المني من الإنسان سواء كان في أثناء النوم أو اليقظة وكذلك