وفلسفة هذا الأمر جلية واضحة لا تحتاج إلى الشرح والتفصيل، لأن النساء بما يمتلكنه من عواطف ومشاعر رقيقة يكن أكثر عرضة لاكتساب أفكار أزواجهن، من الرجال.
ولكي تسد الآية طريق إساءة استغلال موضوع التقارب والمعاشرة مع أهل الكتاب والزواج من المرأة الكتابية على البعض من ضعاف النفوس، وتحول دون الانحراف إلى هذا الأمر بعلم أو بدون علم، حذرت المسلمين في جزئها الأخير فقالت: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
وهذه إشارة إلى أن التسهيلات الواردة في الآية بالإضافة إلى كونها تؤدي إلى السعة ورفع الحرج عن حياة المسلمين، يجب أن تكون - أيضا - سببا لتغلغل الإسلام إلى نفوس الأجانب، لا أن يقع المسلمون تحت نفوذ وتأثير الغير فيتركوا دينهم، وحيث سيؤدي بهم هذا الأمر إلى نيل العقاب الإلهي الصارم الشديد.
وهناك احتمال آخر في تفسر هذا الجزء من الآية نظرا لبعض الروايات الواردة وسبب النزول المذكور، وهو أن نفرا من المسلمين أعلنوا - بعد نزول هذه الآية وحكم حلية طعام أهل الكتاب والزواج بالكتابيات - استياءهم من تطبيق هذه الأحكام، فحذرتهم الآية من الاعتراض على حكم الله ومن الكفر بهذه الحكم، وأنذرتهم بأن أعمالهم ستذهب هباء وستكون عاقبتهم الخسران.
* * *