ويعتقد جمع من الباحثين أن أنواع المعاملات والشركات والاتفاقيات الموجودة في عصرنا الحاضر، والتي لم يكن لها وجود في السابق، أو التي ستوجد بين العقلاء في المستقبل، والتي تقوم على أسس ومقاييس صحيحة - تدخل ضمن هذه القاعدة، حيث تؤكد هذه الآية صحتها جميعا (وطبيعي أن الضوابط الكلية التي أقرها الإسلام للعقود والعهود يجب أن تراعى في هذا المجال).
والاستدلال بهذه الآية كقاعدة فقهية ليس معناه أنها لا تشمل العهود الإلهية المعقودة بين البشر وبين الله تعالى، أو القضايا الخاصة بالقيادة والزعامة الإسلامية التي أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) العهد والميثاق فيها من الأمة، بل إن للآية مفهوما واسعا يشمل جميع هذه الأمور.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حقيقة العهد والميثاق ذات طرفين، ولزوم الوفاء بالعهد يبقى ساريا ما دام لم يقم أحد من المتعاقدين بنقض العهد، ولو نقض أحد الطرفين العقد لم يكن الطرف الثاني عند ذلك ملزما بالوفاء بالعهد إذ يخرج العهد بهذا النقض من حقيقة العهد والميثاق.
2 - إن قضية الوفاء بالعهد والميثاق التي تطرحها الآية - موضوع البحث - تعتبر واحدا من أهم مستلزمات الحياة الاجتماعية، إذا بدونها لا يتم أي نوع من التعاون والتكافل الاجتماعي، وإذا فقد نوع البشر هذه الخصلة فقدوا بذلك حياتهم الاجتماعية وآثارها أيضا.
ولهذا تؤكد مصادر التشريع الإسلامي بشكل لا مثيل له - على قضية الوفاء بالعهود التي قد تكون من القضايا النوادر التي تمتاز بهذا النوع من السعة والشمولية، لأن الوفاء لو انعدم بين أبناء المجتمع الواحد لظهرت الفوضى وعم الاضطراب فيه وزالت الثقة العامة، وزوال الثقة يعتبر من أكبر وأخطر الكوارث.
وقد ورد في نهج البلاغة من قول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمالك