الصفوف، وتتم عملية الفرز بين الطيب الطاهر، والخبيث الرجس. وهذا قانون عام وسنة إلهية خالدة وشاملة، فليس كل من يدعي الإيمان، ويجد مكانا في صفوف المسلمين يترك لشأنه، بل ستبلى سرائره، وتنكشف حقيقته في الآخرة بعد الاختبارات الإلهية المتتابعة له.
وهنا يمكن أن يطرح سؤال (وهو السؤال الذي كان مطروحا بين المسلمين آنذاك أيضا حسب بعض الأحاديث والروايات) وهو: إذا كان الله عالما بسريرة كل إنسان وأسراره فلماذا لا يخبر بها الناس - عن طريق العلم بالغيب - ويعرفهم بالمؤمن والمنافق؟
إن المقطع الثاني من الآية وهو قوله: وما كان الله ليطلعكم على الغيب يجيب على هذا السؤال. أي أن الله سبحانه لن يوقفكم على الأسرار، لأن الوقوف على الأسرار - على عكس ما يظن كثيرون لا يحل مشكلة، ولا يفك عقدة، بل سيؤدي إلى الهرج والمرج والفوضى، وإلى تمزق العلاقات الاجتماعية وانهيارها، وانطفاء شعلة الأمل في النفوس وتبدده، وتوقف الناس عن الحركة والنشاط والفعالية.
والأهم من كل ذلك هو أنه لابد أن تتضح قيمة الأشخاص من خلال المواقف العملية والسلوكية، وليس عن أي طريق آخر، ومسألة الاختبار الإلهي لا تعني سوى هذا الأمر، ولهذا فإن الطريق الوحيد لمعرفة الأشخاص وتقويمهم هو أعمالهم فقط (1).
ثم إن الله سبحانه يستثني الأنبياء من هذا الحكم إذ يقول: ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء أي أنه يختار في كل عصر من بين أنبيائه من يطلعهم على