يقال: خسف الله به الأرض أي: غاب به فيها. وأراد به بعض البر، وهو موضع حلولهم فيه، فسماه جانبا، لأنه يصير بعد الخسف جانبا، وقيل: إنهم كانوا على ساحل البحر، وساحله جانب البر، وكانوا فيه آمنين من أهوال البحر، فحذرهم ما أمنوه من البر، كما حذرهم ما خافوه من البحر * (أو يرسل عليكم حاصبا) * أي: أو هل أمنتم أن يرسل عليكم حجارة تحصبون بها أي: ترمون بها. والمعنى: إنه سبحانه قادر على إهلاككم في البر، كما أنه قادر على اغراقكم في البحر.
* (ثم لا تجدوا لكم وكيلا) * أي: حافظا يحفظكم عن عذاب الله، ودافعا يدفعه عنكم * (أم أمنتم) * أي: أم هل أمنتم * (أن يعيدكم فيه تارة أخرى) * أي: في البحر مرة أخرى، بأن يجعل لكم حاجة، أو يحدث لكم رغبة، أو رهبة، فترجعون إلى البحر مرة أخرى * (فيرسل عليكم قاصفا من الريح) * أي: فإذا ركبتم البحر، أرسل عليكم ريحا شديدة كاسرة للسفينة. وقيل: الحاصب: الريح المهلكة في البر.
والقاصف: المهلكة في البحر * (فيغرقكم بما كفرتم) * من نعم الله * (ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا) * أي: تابعا يتبع إهلاككم للمطالبة بدمائكم، ويقول: لم فعلت هذا بهم؟ وهذا في معنى قول المفسرين يعني: ثائرا، ولا ناصرا.
* (* ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (70) يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا (71) ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا (72)) *.
القراءة: قرأ أهل البصرة: * (أعمى) * الأولى بالإمالة، و * (أعمى) * الثانية بالتفخيم. وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة فيهما. والباقون بالتفخيم فيهما. وقرأ زيد عن يعقوب * (يوم يدعوا) * بالياء. والباقون بالنون. وفي الشواذ قراءة الحسن * (يوم يدعوا) * بضم الياء، وفتح العين (1).
الحجة: قال أبو علي: من أمالهما، فإنه حسن، لأنه ينحو بالألف نحو الياء،