أشكو إليك سنة قد أجحفت * جهدا إلى جهد بنا، وأضعفت واحتنكت أموالنا وجلفت (1) وقيل: إنه من قولهم حنك الدابة يحنكها: إذا جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به. والموفور: المكمل. يقال وفرته أفره وفرا. قال زهير:
ومن يجعل المعروف من دون * عرضه يفره، ومن لا يتق الشتم يشتم والاستفزاز: الإزعاج والاستنهاض على خفة وإسراع، وأصله القطع. وتفزز الثوب: إذا تخرق، وفززته تفزيزا. فكأن معنى استفزه استزله بقطعه عن الصواب.
ورجل فز أي: خفيف. والاستطاعة قوة تنطاع بها الجوارح للفعل، ومنه الطوع والطاعة، وهو الانقياد للفعل. والاجلاب: السوق بجلبة من السائق والجلبة شدة الصوت. وقال ابن الأعرابي: أجلب الرجل على صاحبه: إذا توعده بالشر، وجمع عليه الجيش.
الاعراب: قال الزجاج: * (طينا) * منصوب على الحال، بمعنى أنك أنشأته في حال كونه من طين. ويجوز أن يكون تقديره من طين، فحذف من فوصل الفعل ومثله قوله * (أن تسترضعوا أولادكم) * أي: لأولادكم. وقيل: إنه منصوب على التمييز، والكاف في قوله * (أرأيتك) * لا موضع لها من الإعراب، لأنها حرف خطاب جاء للتوكيد، وموضع * (هذا) * نصب بأرأيت، والجواب محذوف. المعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علي، ولم كرمته علي، وقد خلقتني من نار، وخلقته من طين؟
فحذف ما ذكرناه لأن في الكلام دليلا عليه.
المعنى: ثم ذكر سبحانه قصة آدم عليه السلام وإبليس، فقال: * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) * قد مر تفسيره في سورة البقرة (2). * (قال) * إبليس:
* (أأسجد لمن خلقت طينا) *، وهو استفهام بمعنى الانكار أي: كيف أسجد له وأنا أفضل منه، وأصلي أشرف من أصله؟ وفي هذا دلالة على أن إبليس فهم من ذلك تفضيل آدم على الملائكة، ولولا ذلك لما كان لامتناعه من السجود وجه. وإنما جاز أن يأمرهم سبحانه بالسجود لآدم عليه السلام، ولم يجز أن يأمرهم بالعبادة له، لأن السجود