النظم: وجه اتصال الآية الأخيرة بما قبلها أنه لما أمر سبحانه باتباع الحق حذر من الاختلاف فيه، بما ذكر من أحوال المختلفين في السبت، كيف شدد عليهم فرضه، وضيق عليهم أمره. وقيل: إنه سبحانه رد على اليهود والنصارى دعوتهم أن إبراهيم كان منهم، ثم رد عليهم في هذه الآية ما أوجبوه من تعظيم أمر السبت، وأنه لا يجوز نسخه، كما رد عليهم ذلك، عن أبي مسلم.
* (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (125) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين (126) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون (127) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (128)) *.
القراءة: قرأ ابن كثير وحده: * (في ضيق) * بكسر الضاد. وكذلك في النمل.
والباقون بفتح الضاد.
الحجة: قال الزجاج: من فتح أراد ضيق، فخفف مثل سيد، وهين، ولين، ويجوز أن يكون بمعنى الضيق، فيكون مصدرا. قال أبو الحسن: الضيق والضيق لغتان في المصدر. قال أبو علي: ينبغي أن يحمل على أنه مصدر، لأنك إذا حملته على أنه مخفف من ضيق، فقد أقمت الصفة مقام الموصوف من غير ضرورة.
والمعنى: لا تكن في ضيق أي: لا يضيق صدرك من مكرهم، كما قال * (وضائق به صدرك) * وليس المراد لا تكن في أمر ضيق، قال أبو عبيدة: الضيق بالكسر: في المعاش والمسكن. والضيق بالفتح: في القلب. وقال علي بن عيسى يقال في صدري ضيق من هذا الأمر بالفتح، وهو أكثر من الكسر.
المعنى: ثم أمر سبحانه نبيه بالدعاء إلى الحق، فقال: * (ادع إلى سبيل ربك) * أي: ادع إلى دينه لأنه الطريق إلى مرضاته * (بالحكمة) *: أي بالقرآن وسمي القرآن حكمة، لأنه يتضمن الأمر بالحسن، والنهي عن القبيح. وأصل الحكمة: المنع، ومنه حكمة اللجام. وإنما قيل لها حكمة، لأنها بمنزلة المانع من