والكافر، والصالح والطالح، ولا يمتنع أن يأسى على بني عمه إذا كانوا من أهل الفساد، أن يظفروا بماله، فيصرفوه فيما لا ينبغي، بل في ذلك غاية الحكمة، فإن تقوية الفساق وإعانتهم على أفعالهم المذمومة، محظورة في الدين. فمن عد ذلك بخلا وضنا، فهو غير منصف. وقوله * (خفت الموالي من ورائي) * يفهم منه أن خوفه إنما كان من أخلاقهم وأفعالهم، ومعاني فيهم لا من أعيانهم، كما أن من خاف الله تعالى، فإنما خاف عقابه. فالمراد به: خفت تضييع الموالي مالي، وإنفاقهم إياه في معصية الله تعالى.
* (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا (7) قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا (8) قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا (9) قال رب اجعل لي اية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا (10) فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا (11)) *.
القراءة: قرأ حمزة والكسائي عتيا، وصليا، وجثيا، وبكيا بكسر أوائلها.
وحفص كذلك إلا في * (بكيا) * فإنه يضم الباء منها. والباقون بالضم في الجميع.
وقرأ حمزة والكسائي: * (خلقناك) *. والباقون: * (خلقتك) *.
الحجة: قال أبو علي: إعلم أن ما كان على فعول كان على ضربين أحدهما:
أن يكون جمعا. والآخر: أن يكون مصدرا. وقد جاءت أحرف في غير المصادر، وهي قليلة. والجمع إذا كان على فعول من معتل اللام، جاء على ضربين أحدهما:
أن يكون اللام واوا والآخر: أن يكون ياء. فما كانت اللام منه واوا من هذه الجموع، قلبت إلى الياء، وذلك نحو حقو، وحقي، وعصا وعصي. وقد جاءت حروف قليلة من ذلك على الأصل. فمن ذلك ما حكاه سيبويه من قولهم: إنكم لتنظرون في نجو كثيرة. وقولهم: فتو في جمع فتى. فما كان كذلك، فإن كسر الفاء فيه مطرد، وذلك نحو ولي، وحقي، وعصي، وإنما جاز ذلك، لأنها غيرت