نعمتي، وإلهي وإله آبائي، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، فإنك إن تكلني إلى نفسي أقرب من الشر، وأبعد من الخير، وآنس في القبر وحشتي، واجعل له عهدا يوم ألقاك منشورا. ثم يوصي بحاجته. وتصديق هذه الوصية في سورة مريم في قوله * (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) * فهذا عهد الميت. والوصية حق على كل مسلم، وحق عليه أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها. وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: علمنيها جبرائيل عليه السلام.
* (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا) * هذا إخبار عن اليهود، والنصارى، ومشركي العرب، فإن اليهود قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال مشركو العرب: الملائكة بنات الله. * (لقد جئتم شيئا إدا) * هاهنا حذف تقديره قل لهم يا محمد: لقد جئتم بشئ منكر عظيم، شنيع فظيع، فلما حذف الباء، وصل الفعل إليه فنصبه * (تكاد السماوات يتفطرن منه) * أي: أرادت السماوات أن تنشق لعظم فريتهم، إعظاما لقولهم، ومعناه: لو انشقت السماوات بشئ عظيم، لكانت تنشق من هذا * (وتنشق الأرض) * أي: وكادت الأرض تنشق، * (وتخر الجبال) * أي:
كادت الجبال تسقط * (هدا) * أي: كسرا شديدا، عن ابن عباس. وقيل: هدما عن عطاء * (أن دعوا للرحمن ولدا) * أي: لأن دعوا للرحمن ولدا، أو من دعوا للرحمن ولدا أي: بسبب دعوتهم، أو تسميتهم له ولدا * (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) * أي: ما يصلح للرحمن، ولا يليق به اتخاذ الولد، وليس من صفته ذلك، لأن إثبات الولد له يقتضي حدوثه، وخروجه من صفة الإلهية، واتخاذ الولد يدل على الحاجة، تعالى عن ذلك، وتقدس.
* (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا (93) لقد أحصاهم وعدهم عدا (94) وكلهم آتيه يوم القيامة فردا (95) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا (96) فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا (97) وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمح لهم ركزا (98)) *