لما تقدم ذلك الوعيد بين صفة ذلك اليوم، وما يجري بين الأتباع والمتبوعين من المجادلة، وقال * (فقال الضعفاء للذين استكبروا) * أي: تكبروا عن الإيمان، فلم يؤمنوا، وهم القادة في الدنيا الذين هم الأكابر والرؤساء والقادة في الدين الذين هم علماء السوء * (إنا كنا لكم تبعا) * في الكفر على وجه التقليد * (فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ) * أي: هل أنتم دافعون عنا شيئا من عذاب الله الذي قد نزل بنا، إن لم تقدروا على دفع الكل. ومن للتبعيض * (قالوا لو هدانا الله لهديناكم) * أي: قال المتبوعون للأتباع: لو هدانا الله إلى طريق الخلاص من العقاب، والوصول إلى النعيم والثواب، لهديناكم إلى ذلك، والمعنى: لو خلصنا لخلصناكم أيضا، لكن لا مطمع فيه لنا ولكم، عن الجبائي، وأبي مسلم. وقيل: معناه لو هدانا الله إلى الرجعة إلى الدنيا، فنصلح ما أفسدناه، لهديناكم. وقيل: لو هدانا الله بإجابتنا إلى الطلب، لهديناكم بالمسألة له سبحانه، ذكر هذين الوجهين القاضي عبد الجبار في تفسيره.
* (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) * يعني: ان الصبر والجزع سيان مثلان ليس لنا محيص، ولا مهرب، من عذاب الله، أي: انقطعت حيلتنا، ويئسنا من النجاة. حث الله سبحانه في هذه الآية على النظر، وحذر من التقليد، وإلى هذا أشار أمير المؤمنين علي عليه السلام في قوله للحارث الهمداني: (يا حار الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله).
* (وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم (22)) *.
القراءة: قرأ حمزة وحده: * (بمصرخي) * بكسر الياء. والباقون بفتحها.
الحجة: قال أبو علي: قال الفراء في كتابه في التصريف: هو قراءة الأعمش، ويحيى بن وثاب، قال: وزعم القاسم بن معن أنه صواب، قال: وكان ثقة بصيرا، وزعم قطرب أنه لغة من بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء،