اللام عن الفعل، وذلك أن من اتخذ ولدا، فإنما يتخذه من جنسه، لأن الولد مجانس للوالد، والله تعالى ليس كمثله شئ، فلا يكون له سبحانه ولد، ولا يتخذ ولدا. وقوله * (من ولد) *: من هذه هي الذي تدل على نفي الواحد والجماعة.
فالمعنى: إنه لا يجوز أن يتخذ ولدا واحدا، ولا أكثر. ثم نزه سبحانه نفسه عن ذلك، فقال: * (سبحانه) * ثم بين السبب في كون عيسى من غير أب، فقال: * (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * وقد مر تفسيره فيما مضى، والمعنى أنه لا يتعذر عليه إيجاء شئ على الوجه الذي أراده.
* (وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (36) فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم (37) أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين (38) وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون (39) إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون (40)) *.
القراءة: قرأ أهل الكوفة، وابن عامر، وروح، وزيد، عن يعقوب: * (وإن الله) * بكسر الهمزة. والباقون بالفتح.
الحجة: قال أبو علي: حجة من كسر، أنه جعله مستأنفا، كما أن المعطوف عليه مستأنف. وحجة من فتح أنه حمله على قوله * (وأوصاني بالصلاة والزكاة) *، وبأن الله ربي وربكم.
الاعراب والمعنى: قوله * (وإن الله ربي وربكم) * من فتح الهمزة، ففيه أربعة أوجه: أحدها: إن المعنى وقضى أن الله ربي وربكم، عن أبي عمرو بن العلاء والثاني: إنه معطوف على كلام عيسى أي: وأوصاني بأن الله ربي وربكم والثالث:
ذلك عيسى بن مريم وذلك أن الله ربي وربكم، عن الفراء والرابع: أن العامل فيه فاعبدوه، والتقدير ولأن الله ربي وربكم * (فاعبدوه) * فحذف الجار. ومن كسر الهمزة جاز أن يكون معطوفا على قوله * (قال إني عبد الله) أي: وقال إن الله ربي وربكم.
وجاز أن يكون ابتداء كلام من الله تعالى، أو أمر من الله لرسوله أن يقول ذاك. وقوله * (هذا صراط مستقيم) * معناه: هذا طريق واضح فالزموه. وقيل: إن المعنى هذا الذي أخبرتكم أن الله أمرني به هو الدين المستقيم الذي لا اعوجاج فيه.