وأتيت عمه أبا طالب فأخبرته، فقال: يا آل قريش! اتبعوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ترشدوا، فإنه لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق. وأتيت الوليد بن المغيرة، وقرأت عليه هذه الآية، فقال: إن كان محمد قاله فنعم ما قال، وإن قاله ربه فنعم ما قال. قال:
فأنزل الله * (أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى) * يعني قوله فنعم ما قال. ومعنى قول * (وأكدى) *: أنه لم يقم على ما قاله وقطعه. وعن عكرمة قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ هذه الآية على الوليد بن المغيرة، فقال: يا بن أخي! أعد. فأعاد، فقال: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هو قول البشر!!
النظم: وجه اتصال قوله * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) * بما قبله أنه سبحانه لما بين أن الأنبياء تشهد على أممهم يوم القيامة، بين عقيبه أنه سبحانه قد كلف الجميع، وأزاح عللهم في التكليف، بأن أنزل القرآن بما فيه من البيان، والهداية، والرحمة، والبشارة لأهل الإيمان، وأنهم إذا عوقبوا فإنما أتوا في ذلك من قبل نفوسهم، وهذا كله مما يدخل في الشهادة. ووجه اتصال قوله * (إن الله يأمر بالعدل) * الآية بما قبله أنه سبحانه لما ذكر القرآن، بين عقيبه ما يأمر به وينهى عنه فيه. وقيل: انه يتصل بقوله * (ويوم نبعث) * كأنه قال بعد ذكر القيامة والشهود إنه يأمر بالعدل، وينهى عن الظلم، فاعلموا أنه سبحانه لا يظلم أحدا، بل يعدل ويتفضل، ولذلك جاء بالشهود ليشهدوا على أممهم، أنهم أتوا فيما لاقوه من العذاب من قبل أنفسهم.
* (وأوفوا بعهد الله إذا عهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون (91) ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون (92) ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون (93) ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله